Tuesday, March 12, 2019

كيف يتعامل الجيش مع الاحتجاجات المتواصلة في الجزائر؟

خرج مئات المحامين متشحين بأرديتهم السوداء إلى شوارع وسط العاصمة الجزائرية يوم الخميس 7 مارس/آذار لمطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتنحي عن منصبه بعد 20 عاما في السلطة.
وقد ردد محامون هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" بينما ردد آخرون هتاف "جمهورية لا ملكية" في التظاهرة التي مثلت مزيدا من الزخم في أكبر احتجاجات منذ انتفاضات ما عرف بالربيع العربي عام 2011.
وقد جاءت هذه التظاهرة بعد يومين من تصريح نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، بأن الجيش سيضمن الأمن في البلاد ولن يسمح بعودة الجزائر إلى حقبة سفك الدماء، مع استمرار التظاهرات التي بدأت نهاية الشهر الماضي في العاصمة ومدن أخرى.
وقال صالح، في كلمة بثتها قناة النهار الجزائرية، إن "بعض الأطراف يزعجها بأن تكون الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر".
وأضاف أن الشعب الجزائري عاش خلال هذه السنوات "كل أشكال المعاناة ودفع خلالها ثمنا غاليا"، في إشارة إلى ما يطلق عليه "العشرية السوداء" التي شهدت خلالها الجزائر صراعا بدأ في يناير 1992.
ومضى صالح يقول إن "الشعب الأصيل الذي عاش تلك الظروف الصعبة، وأدرك ويلاتها، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرط في نعمة الأمة ونعمة راحة البال".
وأضاف: "إننا ندرك أن هذا الأمن المستتب وهذا الاستقرار الثابت الركائز سيزداد تجذرا وسيزداد ترسيخا وسيبقى الشعب الجزائري يرفل في ظل هذه النعمة وسيبقى الجيش الجزائري ماسكا بزمام ومقاليد إرساء هذا المكسب الغالي".
ودعا صالح إلى ضرورة "القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه بفضل استراتيجية شاملة وعقلانية، ثم بفضل التصدي الحازم الذي أبداه الشعب الجزائر وفي طليعته الجيش".
ويرى البعض أن كلمة صالح حملت عدة رسائل إلى الجزائريين من أهمها أن الجيش يتبنى وجهة نظر الحكومة التي لطالما حذرت من عواقب استمرار هذه الاحتجاجات.
تصريحات صالح هذه تعد المرة الثانية التي يعلق فيها على الاحتجاجات، فبعد خمسة أيام من المظاهرات الشعبية ضد ترشح بوتفليقة، أدلى صالح بأول تصريح له.
وحذر وقتها مما سماها "نداءات مشبوهة" وقال في كلمة أمام قيادات عسكرية بالمنطقة العسكرية السادسة "هل يعقل أن يتم دفع بعض الجزائريين نحو المجهول من خلال نداءات مشبوهة، ظاهرها التغني بالديمقراطية، وباطنها جر هؤلاء المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة وغير مأمونة".
وتابع أن هذه المسالك "لا تؤدي حتما إلى خدمة المصلحة العليا للجزائر، ولا لتحقيق مستقبلها المزدهر".
ولفت إلى أن "الجيش الوطني الشعبي، بحكم مهامه الدستورية، يعتبر أن كل من يدعو إلى العنف بأي طريقة كانت وتحت أي مبرر أو ظرف هو إنسان يجهل أو يتجاهل رغبة الشعب الجزائري في العيش في كنف الأمن والأمان"
على صعيد أخر حذر الوزير الأول أحمد أويحيى من السيناريو السوري في البلاد، وهو ما اعتبره البعض تذكيرا للمحتجين بأن بدايات "العشرية السوداء" كانت بسبب إصرار الجزائريين آنذاك على إحداث تغيير كبير في الجزائر.
ولا تزال الاحتجاجات تشكل أكبر تحد حتى الآن لبوتفليقة ودائرة المقربين منه والتي تتضمن أعضاء في الجيش والمخابرات وكبار رجال الأعمال.
وأشاد محتجون بموقف الجيش الذي ظل في ثكناته خلال التظاهرات، لكن محللين يقولون إن الجيش سيتدخل على الأرجح إذا أدت الاحتجاجات إلى اهتزاز الاستقرار في البلاد، أحد أكبر منتجي النفط في أفريقيا.